غرب آسيا يجسد التعددية القطبية
يعتبر المؤتمر الشرق أوسطي الـ12، لمنتدى فالداي، الذي انعقد أواخر شباط المنصرم، في روسيا، بمثابة ردّ الشرق على منتدى دافوس، حيث اجتمع المثقفون والشخصيات المؤثرة لتحديد التطورات الحالية والمستقبلية في غرب آسيا.
قدّم الاجتماع وفرة من الرؤى حول القضايا والمحن المترابطة التي تؤثر على المنطقة، وهذه أهم النقاط التي أبرزها المشاركون حول التطورات الإقليمية الحالية والمستقبلية، فقد افتتح نائب وزير الخارجية الروسي ميخائيل بوغدانوف الاجتماع بالتأكيد على أن سياسة الكرملين تشجّع تشكيل “نظام أمني إقليمي شامل”، وهذا بالضبط ما رفض الأمريكيون مناقشته مع روسيا في كانون الأول 2021، ثم تقدموا بطلب إلى أوروبا وفضاء ما بعد الاتحاد السوفييتي، وكانت النتيجة حرباً بالوكالة.
وصف كيهان برزيغار، من جامعة آزاد الإسلامية في إيران، التطورين الاستراتيجيين الرئيسيين اللذين يؤثران على غرب آسيا، هما انسحاب أمريكي محتمل، ورسالة إلى الحلفاء الإقليميين مفادها أنه “لا يمكنك الاعتماد على ضماناتنا الأمنية”. ويعتبر برزيغار العلاقات الإيرانية الروسية بالإضافة إلى أنها تحالف إستراتيجي بأنها كتلة جيوسياسية واقتصادية قائمة على التكنولوجيا وسلاسل التوريد الإقليمية، أي خوارزمية جديدة في السياسة تتراوح من اتفاقيات الأسلحة إلى التعاون النووي والطاقة. وفيما يتعلق بالعلاقات بين إيران والغرب، يعتقد برزيغار أن الاتفاق النووي الإيراني لم يمت على الأقل حتى الآن.
ومنذ الحرب الأمريكية في فيتنام فقد العالم ما كان يعتبره إعلاماً حراً، والصحافة الحرة ماتت. وفي الوقت نفسه، غيّر الغرب الاستعماري أساليبه، فتمّت الاستعانة بمصادر خارجية للحروب، والاعتماد على الطابور الخامس المحلي. وفي فترة ما بعد العولمة، التي أدّت إلى ظهور تكتلات إقليمية، يفضّل الغربيون استخدام “الجهات غير الحكومية”، كما هي الحال في سورية وإيران، من خلال تكليف بعض العملاء بفعل ما تريده الولايات المتحدة، وأقرب مثال هو القاعدة العسكرية الأمريكية غير الشرعية في التنف، وسرقة النفط السوري وبيعه على مرأى العالم أجمع.
بالمحصلة، ما أظهرته مناقشات فالداي بوضوح هو أن روسيا هي اللاعب الوحيد القادر على الاقتراب من جميع اللاعبين في غرب آسيا، والاستماع إليهم باهتمام واحترام، فيما لخّص المراقبون ما أدى إلى الوضع الجيوسياسي العالمي الحالي بالقول: “يالطا جديدة أو حرب عالمية جديدة، لقد اختار الغرب الحرب”. ومع ذلك، ومع استمرار ظهور خطوط الصدع الجيوسياسية والجغرافية الاقتصادية الجديدة، يبدو الأمر كما لو أن غرب آسيا يتوقع شيئاً “كبيراً قادماً”.
المصدر: البعث