جزيرة "النبيه صالح" البحرينية...مثال على السياسات المناهضة للتنمية للأسرة الحاكمة
جزيرة "النبيه صالح" البحرينية...مثال على السياسات المناهضة للتنمية للأسرة الحاكمة
الخليج الفارسي مليء بالجزر الصغيرة والكبيرة، التي أعطت ميزةً فريدةً لنظامه البيئي. وإضافة إلى صناعة صيد الأسماك، تلعب الجزر اليوم دورًا مهمًا في استيراد وتصدير البضائع، والأمن البحري واقتصاد السياحة.
وفي هذا المجال، تعدّ البحرين من بين الدول التي تضم معظم الجزر في الخليج الفارسي، والتي تُعرف باسم دولة أرخبيل لأنها تضم أكثر من 33 جزيرة.
لکن على الرغم من وجود قدرات اقتصادية عالية، على مدى العقود الماضية تسبب عدم وجود منظور تنموي وهيمنة وجهات النظر السياسية والأمنية على الجزر، وحتى الانتهاكات الشخصية للعائلة المالكة، في تراجع التقدم الاقتصادي لجزر البحرين مقارنةً بالدول العربية الأخرى في الخليج الفارسي.
كشف موقع اللولو مؤخراً في تقرير، أن الحكومة تبنت سرًا ترسيمًا لجزيرة النبيه صالح من خلال هيئة التنمية العمرانية، والذي سيكون تحت غطاء خطط التنمية ولكن على حساب السكان المحليين في هذه المناطق.
النبيه صالح، جزيرة منهوبة
تقع جزيرة النبيه صالح في خليج توبلي شرق البحرين، وهي متصلة بجزيرة سترة عبر جسر. مساحتها 10 كم، ويبلغ عدد سكانها حوالي 3000 نسمة. هذه الجزيرة، مثل القرى والجزر الأخرى في البحرين، مليئة بالحقول والبساتين، وسكانها من الشيعة البحرينيين.
منذ سنوات عديدة، ونتيجةً لإهمال الحكومة وسياسة بناء المجمعات والفيلات الفخمة المطلة على البحر، والتي أقيمت بشكل أساسي لاستخدام شيوخ الأسرة الحاكمة، تم تدمير جزء كبير من بساتين النبيه صالح، وحتى السكان الأصليون للجزيرة لديهم وصول محدود للغاية إلى البحر.
منذ حوالي عشرين عامًا، لم تسمح الحكومة لأحد في النبيه صالح بفتح محل تجاري أو مشروع تجاري داخل القرية، بحجة أن هذه المنطقة ستصبح لاحقًا شارعًا تجاريًا. كما أنه بالرغم من تكرار بناء الفيلات لأمراء الأسرة الحاكمة، فإن معظم أراضي السكان لم يحسم أمرها بعد، والحكومة لا تسمح بالبناء عليها بحجة التقسيم وعدم رسم خرائط للبلدة.
وقد أدت هذه السياسة إلى ترك طلبات السكان لتنفيذ بعض المشاريع الخدمية مثل الحدائق أو تطوير المدارس دون إجابة، والسكان المحليون إما يعانون من نقص المرافق الضرورية، أو يضطرون إلى الهجرة إلى مناطق أخرى.
ولا يوجد ميناء للصيادين في جزيرة النبيه صالح. كذلك، لطالما اشتكى سكان الجزيرة من نقص المدارس في المستويات التعليمية فوق الابتدائية التي تتمتع بأبسط الشروط التعليمية. کما أن الوصول إلى المراكز الصحية والمساجد والحدائق والملاعب، هي أيضًا احتياجات أخرى طلب السكان المحليون باستمرار من الحكومة توفير هذه المرافق خلال الثلاثين عامًا الماضية.
واستمر الوضع على هذا النحو حتى صدر قرار الحكومة بتنظيم المنطقة مؤخرًا، لكن فرحة الأهالي لم تدم طويلًا، وسرعان ما اتضح أن مخطط التنظيم معدّ بشكل غير عادل وضد مصالح السكان المحليين.
ومن أمثلة الظلم الذي تعرض له أهل الجزيرة، أن مخططي المشروع تحولوا بشكل أساسي إلى مصادرة منازل وأراضي المواطنين الفقراء والسكان الأصليين للجزيرة لأعمال البناء، دون الإضرار بممتلكات أصحاب الفيلات والمجمعات الفخمة من غير المواطنين الأصليين.
الخطة التنظيمية لا تشمل حتى مصادرة الأراضي القاحلة وغير المطورة، التي تعود ملكيتها لأصحاب النفوذ المرتبطين بالعائلة الحاكمة. وحسب هذه الخطة، تتم مصادرة بعض المنازل دون أي مبرر قانوني للمصادرة، فقط للتعويض عن الأضرار التي لحقت ببعض المنازل الأخرى.
على سبيل المثال، تتم مصادرة أرض أو منزل بالكامل بسبب التعارض مع مشروع بناء الشارع أو المدرسة أو الحديقة، ولكن من أجل تعويض مالك العقار، يتم أخذ ثلث أو نصف الأرض الخاصة الأخرى منه دون موافقة المالك وتحت التهديد بالعقاب.
والحالة الغريبة الأخرى من الظلم الرسمي على سكان جزيرة النبيه صالح، هي أنه على الرغم من أن منظمة التخطيط ملتزمة بدفع تعويضات للمواطنين الذين تمت مصادرة ممتلكاتهم، فإن مبلغ التعويض يقدر بأنه أقل بكثير من القيمة الحقيقية للممتلكات المصادرة. على سبيل المثال، إعطاء أرض قاحلة مقابل مصادرة منزل كامل دون النظر إلى المبلغ المخصص لبناء تلك الأرض.
وهناك قلق كبير آخر في هذه الجزيرة، يتعلق بتعدي الأسرة الحاكمة على ممتلكات الوقف عالية الجودة، والتي هناك خطر مصادرتها بموجب خطة التنظيم.
ودفع هذا الوضع الأهالي إلى تشبيه مخطط التنظيم للحكومة في النبيه صالح، والذي صيغ ضد الشيعة، بسياسات الاحتلال الصهيوني تجاه أهالي الضفة الغربية والقدس لتهجير الفلسطينيين.
والبعض الآخر يعتبر هذا الإجراء خطوةً نحو تغيير التركيبة السكانية الشيعية للجزيرة، وخاصةً أن هذه الجزيرة تضم أحد الأماكن الدينية المهمة للشيعة، ويعود اسم هذه الجزيرة أساسًا إلى وجود ضريح لشخصية دينية تُدعى الشيخ نبيه صالح في هذه الجزيرة، والذي يُعتبر من علماء الشيعة البارزين في البحرين.
وعلى الرغم من أن هذه الأماكن الدينية تعتبر أيضًا آثارًا تاريخيةً، إلا أن الحكومة لم تدفع أي أموال لصيانة الضريح وتعتمد كليًا على التبرعات العامة. وخلال السنوات التي أعقبت الحركة الثورية عام 2011، كانت هذه الجزيرة واحدةً من أكثر الاحتجاجات الشعبية انتشارًا ضد نظام آل خليفة.
تاريخ نهب آل خليفة لجزر البحرين
السياسات غير المسؤولة والنفعية لنظام آل خليفة تجاه جزر البحرين، لا تقتصر على مصادرة الأراضي البكر وبناء الفيلات الفاخرة لاستخدام العائلة المالكة، بل إن حكومة المنامة تتخلى عن هذه الثروة الطبيعية لشعب البحرين حتى من أجل تقوية علاقاتها الخارجية.
وفي هذا الصدد، في فبراير 2022، أعلن موقع مرآة البحرين الإخباري، أن الصندوق القومي اليهودي اشترى جزيرةً في غرب البحرين بحوالي 9 ملايين دينار.
كما أعلنت القناة السابعة الإسرائيلية، عن قيام شركة هیمنوتا المملوكة للصندوق القومي اليهودي في الأراضي المحتلة، بشراء جزيرة بمساحة 9 آلاف 554 متراً مربعاً في البحرين مقابل 21.5 مليون دولار في مزاد. وأكد المصدر الصهيوني أن هذه الجزيرة سكنية وللاستثمار لمشاريع خاصة.
القناة السابعة التابعة للکيان الصهيوني التي أزالت الخبر من موقعها على الإنترنت بعد فترة، أعلنت نقلاً عن "أفیري إشنایر" ممثل حزب أزرق أبيض في مجلس إدارة شركة هیمنوتا، أنه من الممكن بناء ناطحة سحاب من 50 طابقاً في هذه الجزيرة، واستخدامها كأحد الخيارات المناسبة لنقل المواطنين الصهاينة في حال وقوع الحرب أو الكوارث.
كما أدى نهج حكومة آل خليفة تجاه الجزر البحرينية إلى انتقاد البرلمانيين لخطة التنظيم. بحيث إنه في إحدى جلسات مجلس النواب، استهزأت السيدة جليلة السيد نائبة جزيرة سترة وجزيرة النبيه صالح بتصريحات وزيرة الإسكان التي قالت إن هذه الوزارة ستحول جزيرة النبيه صالح إلى جنة على الأرض، وقالت: كان ينبغي أن تقول إننا نجعلها جحيمكم على الأرض.
المصدر: الوقت