انقلاب محمد بن زايد الناعم في الإمارات
مع وصول محمد بن زيد آل نهيان إلى السلطة، كانت العديد من الحكومات ودوائر الفكر والإعلام تنتظر تقديم ولي عهد إمارة أبو ظبي الجديد والمرشح الرئيسي لخلافة رئاسة دولة الإمارات العربية المتحدة.
خلال السنوات القليلة الماضية، خرج خالد تدريجياً من ظل الشؤون الأمنية ولعب دوراً في اجتماعات ومهمات مهمة، مثل المشاركة في تشييع جنازة رئيس الوزراء الياباني الراحل شينزو آبي أو قيادة مهمة الإغاثة الطارئة لضحايا الزلزال في تركيا وسوريا. يعتقد بعض الخبراء أنه على الرغم من أن هذا القرار قد تم اتخاذه من خلال عملية “الإجماع” والعاطفة مع أفراد الأسرة المقربين، إلا أنه سيتسبب في زيادة تعقيد هندسة السلطة في هذه المشيخة.
حتى الآن، كان إخوة محمد بن زيد على رأس الأخبار المتعلقة بهذه الإمارة كمسؤولين عن قضايا سياسية وأمنية واقتصادية مهمة، ويبدو الآن أنه مع انتخاب نجل رئيس الدولة ولياً لعهد أبو ظبي سيزداد دور خالد بن محمد في القضايا ستزداد الأهمية المحلية والإقليمية والدولية.
انقلاب ناعم على “الإخوة”
وفقًا لخبراء الخليج الفارسي، فإن طحنون بن زيد، الرقم الأول في القضايا الأمنية في الإمارات العربية المتحدة، كان الخاسر الرئيسي في نقل السلطة هذا. من الصحوة الإسلامية إلى تحسين العلاقات بين كتل القوى في منطقة الشرق الأوسط، لعب طحنون بن زيد دورًا مركزيًا في كبح الحركات الديمقراطية والحركات الإسلامية (الإخوان) في جميع أنحاء المنطقة.
كما لعب دورًا مهمًا في تنظيم علاقات الإمارات مع إيران والسعودية وتركيا والكيان الصهيوني من أجل تكوين توازن إيجابي في السياسة الخارجية لدولة الإمارات العربية المتحدة. طحنون بن زيد مسؤول عن المراكز النشطة في مجال التمويل والتكنولوجيا، مثل “بنك أبو ظبي الأول” و “بنك دبي الأول” و “المجموعة 24”.
الآن يبدو “رجل الظل” و “السياسي العملي” في أبو ظبي وقد تعرض لنوع من “الانقلاب الناعم” في شطرنج القوة في الإمارات، وابتعد عن أعلى هرم السلطة في الإمارات بخطوات. ولعل هذا الاختيار تم بالتنسيق والاجماع من جميع إخوة محمد بن زيد، لكن الحقيقة أن نوع التمثيل ووجودهم الفعال، خاصة طحنون بن زيد، في الإعلام أو الحالات المهمة، يدل على طموح الإخوة ليكونوا في منصب ولي العهد. هذا الموضوع يجعل طحنون بن زيد على هامش علاقات القوة والعلاقات الخارجية لصالح ولي العهد الجديد. لكن من هو خالد بن محمد الذي غير هيكل السلطة في الإمارات؟
من هو ولي العهد “الشاب”؟
خالد بن محمد بن زايد آل نهيان، الابن الأكبر لرئيس دولة الإمارات، ولد في يناير 1982. أكمل تعليمه في أكاديمية ساندهيرست العسكرية في إنجلترا. دخل خالد الجهاز الأمني لحكومة الإمارات فور الانتهاء من دراسته. ورأس هذه المنظمة الابن الأكبر لمحمد بن زيد منذ عام 2016. في نفس العام، تم انتخابه نائباً لمستشار المجلس الأعلى للأمن القومي لدولة الإمارات العربية المتحدة.
في 21 يناير 2019، تم انتخاب خالد كعضو في المجلس التنفيذي لإمارة أبو ظبي، وأصبح رئيسًا للمكتب التنفيذي لإمارة أبو ظبي بعد بضعة أشهر فقط. وبهذه الصفة، أشرف على جميع البرامج والاجتماعات في المجلس التنفيذي لإمارة أبو ظبي. كما أنه عضو في مجلس إدارة شركة أبو ظبي للاستثمار القابضة وشركة بترول الإمارات الوطنية.
بالإضافة إلى ذلك، يترأس خالد عدة مجالس، بما في ذلك مجلس أبحاث التكنولوجيا المتقدمة. منذ عام 2022، كان لخالد بن محمد حضور أكثر إثارة للإعجاب في الاتفاقيات أو الأحداث الخارجية المهمة، مثل توقيع اتفاقية استراتيجية بين الإمارات العربية المتحدة واليابان.
كذلك، خلال الزلزال الأخير الذي ضرب تركيا وسوريا، تولى خالد بن محمد قيادة العمليات الخاصة لتقديم الإغاثة للضحايا. يذكر أن خالد تزوج فاطمة بنت سرور آل نهيان عام 2008 ولديهما الآن طفلان. الآن، مثل محمد بن سلمان، تم وضعه في منصب ولي العهد في ابتكار جديد في العائلة المالكة، وعليه أن يعد نفسه للعب دور بارز في عملية التنمية وحل مشاكل الإمارات على الصعيدين الإقليمي والعالمي.
بعد انتخاب خالد بن محمد آل نهيان وليًا جديدًا لعهد أبو ظبي، أمر رئيس دولة الإمارات بإعادة تشكيل المجلس التنفيذي لإمارة أبو ظبي برئاسة نجله الأكبر. لن تخلو بداية رئاسة خالد بن محمد من تحديات للعديد من علاقات القوى في الإمارات. على أي حال، فإن اختيار الابن الأكبر لمحمد بن زيد وليًا جديدًا لعهد أبو ظبي يتماشى مع رغبة غالبية دول الخليج الفارسي في إعطاء الأولوية “للأبناء” على “الإخوة” في مسألة الخلافة.
المثير للاهتمام أنه أثناء مرض “الأخ الأكبر” والرئيس السابق لحكومة الإمارات، كان محمد بن زيد مسؤولاً عن إدارة العديد من الشؤون التنفيذية بصفته ولي العهد. في مجال الشؤون الداخلية لدولة الإمارات العربية المتحدة، ونتيجة لتطهير هذه المشيخة من كل أنواع المعارضين السياسيين الديمقراطيين أو الإسلاميين، تتمتع الإمارات بمكانة مستقرة في مجال القضايا الاجتماعية والسياسية.
في مثل هذه الحالة، يبدو أن خالد لن يواجه أي مشكلة خطيرة في إدارة الشؤون الداخلية لدولة الإمارات العربية المتحدة. على الصعيد الإقليمي، دخلت الإمارات في نظام جديد بعد التطبيع مع خصومها وأعدائها السابقين، حيث تتمتع بمستوى من العلاقات الاستراتيجية مع جميع الجهات الإقليمية الفاعلة. لكن في مجال السياسة الإقليمية، هناك حالات مثل “اتفاقات إبراهام” و “تطبيع العلاقات مع تركيا وإيران” و “كبح الحركات الديمقراطية الإسلامية” و “إنهاء حرب اليمن” و “إدارة المنافسة مع المملكة العربية السعودية” من بين التحديات الرئيسية لولي عهد أبو ظبي في العصر الجديد.
في خطة “حزام واحد، طريق واحد” الصينية، تلعب الموانئ الإماراتية والشركات العاملة دورًا بارزًا. وتسببت هذه القضية بطريقة ما في رد فعل واشنطن باعتبارها المنافس الرئيسي لبكين في النظام الدولي. منذ وقت ليس ببعيد، أعلنت وكالة المخابرات الأمريكية عن إنشاء قاعدة صينية ثنائية الاستخدام (صناعية – عسكرية) في موانئ الإمارات. أيضًا، بعد اندلاع الحرب في أوكرانيا، أصبحت الإمارات المقصد الرئيس لرجال الأعمال والرأسماليين الروس من جميع أنحاء العالم. يعتقد بعض المحللين أن الإمارات أصبحت “محفظة” موسكو السرية ضد نظام العقوبات الغربي، وأن مثل هذه القضية لن تمر دون رد فعل من قبل الدول الأوروبية والأطلسية. في مثل هذه الحالة، يواجه ولي العهد تحديات خطيرة للغاية في مجال تنظيم العلاقات مع القوى العالمية بحيث لا يتأثر بعواقب “الحرب الباردة الجديدة”.