السودان الى اين؟
بدأت الجبهتان الأجنبيتان الداعمتان للأطراف المتصارعة في السودان تتكشف شيئا فشيا، في حين أظهرت مجريات الأحداث خلال الأربعين يوما الماضية أن المدنيين ليس لهم اي تأثير على التطورات مقارنة بالجيش.
حقيقة ان حميدتي قام بالتمرد على البرهان المدجج بالسلام بمساعدة مائة الف جندي وبدون معدات عسكرية متطورة مثل المدافع والدبابات، ولا زال يواصل التمرد، يظهر الاصطفاف غير المعلن للأجانب في تطورات السودان. طبعا حتى قبل أيام قليلة لم يكن يؤمن البرهان بجدية الدعم الخارجي لحميدتي، لكنه آمن بهذه القضية بعد القمة السعودية الاخيرة، ولذلك بدأ بتطهر معسكره وإعادة ترتيب بيته من الداخل، فأقال حميدتي من مناصبه واستبدله بأشخاص موالين له في الشؤون التنفيذية والجيش. والآن يريدون تسليمه إلى محكمة اصدرت حكم الاعدام بالفعل مسبقا لحميدتي بسبب التمرد ... الانقلاب ... في مثل هذه الحالة، يبدو أن الأصطفافات الخارجية لكلا الجانبين ستدخل بعدا جديدا من الآن فصاعدا وتصبح أكثر وضوحا.
بطبيعة الحال، في ظل الظروف الراهنة فان دول جوار السودان ودول المنطقة مثل الساحل والصحراء والقرن الأفريقي والبحر الأحمر، لا تزال تشعر بالقلق وتعارض تفكك السودان وتقسيمه وعلى راس هذه الدول مصر، التي ترى ان تقرير مصير سد النهضة امام اثيوبيا رهن بالسودان الموحد، طبعا الدول الأخرى المذكورة قلقة أيضا من تدفق اللاجئين السودانيين إلى بلادهم.
على الرغم من أن "إسرائيل" تحبذ السودان الموحد المطبع، إلا أنها لا ترى في البرهان وحميدتي معارضا لها على افتراض تقسيم السودان، بينما تفضل الولايات المتحدة وإنجلترا الحفاظ على الوضع القائم أو على الأقل تحقيق التفوق للبرهان.
في غضون ذلك، فانه بقدر ما تميل الإمارات إلى حميدتي واستثمرت فيه منذ سنوات، فأن الروس يعلقون امالهم على حميدتي ويبحثون عن ترسيخ تواجدهم في السودان والمنطقة في ظل وجوده الفعال في السلطة.
يبدو أنه حتى الآن وبناء على الظروف الحالية، فإن مستقبل السودان له حل واحد فقط، وهو استمرار الحرب حتى يغادر أحد الطرفين البلاد ويترك المجال للآخر.
الهدنة الفاشلة في السودان اظهرت بأنه لا تخطر أي خطة مستقبلية للسودان في بال أي احد خارج حدود السودان، وان الأجانب المتورطون رسميا في القضية يحاولون احتواء الوضع فقط لكي لا يخرج عن السيطرة .
تسوية حسابات البرهان مع حميدتي وإقالته من السلطة هي مجرد تكتيك من جانب البرهان بهدف أنه إذا كانت هناك مفاوضات في المستقبل، ستكون له اليد العليا فيها، لذلك لا يزال هناك شعور سائد بشأن وجود فراغ لنهج استراتيجي لحل ازمة السودان. وربما إذا استمر الوضع وإصرار أطراف الصراع على مطالبهم وكذلك زيادة الدعم الخارجي لهذين الاثنين، فاما سيتحقق سيناريو استمرار الحرب الأهلية كما حدث في ليبيا، أو تقسيم البلاد، والله اعلم.
المصدر: العالم