هل تلعب الهند دور الوسيط في السلام لأوكرانيا؟
للمرة الأولى منذ استقلال أوكرانيا في عام 1991، وبعد اندلاع الحرب بين روسيا وأوكرانيا، زار أعلى مسؤول سياسي في الهند وهو رئيس الوزراء أوكرانيا. وقد أعلن السيد مودي قبل سفره أن شعار بلده هو "السلام"، وأن الهند تسعى لإيجاد أفضل السبل لحل النزاعات العالمية وبالأخص الحرب في أوكرانيا.
للمرة الأولى منذ استقلال أوكرانيا في عام 1991، وبعد اندلاع الحرب بين روسيا وأوكرانيا، زار أعلى مسؤول سياسي في الهند وهو رئيس الوزراء أوكرانيا. وقد أعلن السيد مودي قبل سفره أن شعار بلده هو "السلام"، وأن الهند تسعى لإيجاد أفضل السبل لحل النزاعات العالمية وبالأخص الحرب في أوكرانيا.
هل تسعى الهند لتحقيق التوازن؟
في الشهر الماضي، زار رئيس الوزراء الهند روسيا وتلقى دعوة من السيد بوتين، رئيس جمهورية روسيا. وأكد خلال هذه الزيارة على العلاقات الواسعة مع روسيا، ووصف بوتين بالصديق المهم. وبعد شهر من هذه الزيارة، سافر الآن إلى أوكرانيا. وقد لقيت هذه الزيارة استحسان شركاء الهند الغربيين، حيث أعلن البيت الأبيض أنه إذا استطاعت الهند أن تلعب دورًا فعالًا في حل النزاع بين روسيا وأوكرانيا، فإنهم سيرحبون بذلك.
إلى جانب ذلك، تُعتبر الهند شريكًا مهمًا لكل من روسيا والغرب، مما أدى إلى تعقيد العلاقات الهندية وسلوكها في النظام الدولي. تميل الهند من جهة إلى الحفاظ على علاقات تقليدية ومهمة مع روسيا، حيث تستورد أكثر من 40% من نفطها من روسيا، بالإضافة إلى استيرادها للموارد الأخرى، مثل الفحم، وبالاضافة إلى ذلك، ورغم العقوبات الغربية، لا تزال الهند تستورد الطاقة من روسيا، مما أحدث استياء لدى زيلينسكي، رئيس أوكرانيا، الذي أخبر مودي أن شراء النفط من روسيا يعني تمويل هذه الدولة، بينما لا تنظر الهند إلى الأمر بهذه الطريقة.[1]
ومع ذلك، توجد للهند علاقات جيدة مع الدول الغربية أيضًا. فقد وضعت تلك الدول الهند في مواجهة الصين واعتبرتها كأداة بديلة لمواجهة تنامي الصين. في الواقع، قدّم الغرب مزايا عديدة للهند بشأن العقوبات المفروضة على روسيا لسببين مهمين. الأول هو تمكين الهند من الاستفادة من النفط الرخيص لدعم اقتصادها، مما يجعلها تنافس قوي للصين. والسبب الثاني هو عدم رغبة الغرب في رؤية روسيا تقف بالكامل إلى جانب الصين، لذا فهو يستقبل الهند كلاعب داعم للتعاون مع روسيا.
في هذه الأثناء، تدرك الهند أهمية موقعها في النظام الدولي، وتعمل بذكاء على التعاون مع منافسيها وشركائها. فعلى الرغم من علاقتها الوثيقة مع روسيا، تقدم الهند مساعدات إنسانية إلى أوكرانيا، وتؤكد دائماً على أهمية الحوار لإنهاء الحرب كأفضل حل. لذلك تسعى الهند للاستفادة من موقعها لتعزيز مكانتها في النظام الدولي، وفي الوقت نفسه الحفاظ على ثقة شركائها.
هل تلعب الهند دور الوسيط للسلام؟
تؤكد الهند في موقفها تجاه الحرب في أوكرانيا دائمًا على أهمية السلام. وقد أشار السيد مودي خلال زيارته إلى كييف إلى أن الحرب ستضر بأوكرانيا وبالعالم أجمع. [2]
والهند قوة كبيرة، تستطيع أن تلعب دور الوسيط في هذه الحرب، لكن يبدو أن أوكرانيا ليست متفائلة كثيرًا بشأن هذا الأمر. في الواقع تقترب أوكرانيا من الدعم الغربي وتوجهات السياسة الغربية، وتعتبر نفسها جزءًا من الغرب. بينما تمثل الهند نموذجًا للدول المستقلة، أو ما يُطلق عليه "الجنوب"، التي تسعى لإقامة الحوار وحل النزاع الأوكراني. وهذا يعني أن مصداقية الدول المستقلة وغير الغربية قد تكون أكبر من مصداقية الغرب، مما قد يكون له عواقب سلبية على أوكرانيا. كما أن أوكرانيا تخشى من أن تكون الهند في المفاوضات أكثر ميلًا نحو روسيا، وأن تقدم تنازلات أكبر لصالح الروس. لذلك تفضل أوكرانيا أن تجرى أي مفاوضات محتملة في إطار غربي وبدعم من الأطراف الغربية. وعلى الرغم من ذلك، يمكن للهند أن تلعب دور المرافق والميسر، ولكن يعتمد ذلك على قبول القوى الكبرى والأطراف المتورطة في الحرب، وهذا ما يجب أن يظهر ما إذا كانت أوكرانيا ستقبله أم لا.
بشكل عام، تأتي زيارة رئيس الوزراء الهندي إلى أوكرانيا في إطار توسيع العلاقات والتعاون بين الهند وشركائها الغربيين، وأيضًا لتأكيد التعاون والمشاركة في إعادة بناء أوكرانيا بعد الحرب. [3] من المحتمل أن تكون هذه الزيارة مبعث أمل للغرب أيضًا، حيث تُظهر أن الهند لا تزال شريكًا موثوقًا.
[1] sky.com
[2] nytimes.com
[3] dw.com