مناورة عسكرية مشتركة بين الصين ومصر لتعزيز الجيش المصري

خلال الأيام الماضية حظيت الأخبار المتعلقة بإجراء مناورة عسكرية مشتركة بين مصر والصين بتغطية واسعة من وسائل الإعلام العالمية.(1) لطالما اعتمدت مصر على المعدات والدعم العسكري من الولايات المتحدة على مدى السنوات الماضية، حيث كان الجيش المصري يحصل على معظم عتاده الحربي من الدول الغربية.

مايو 1, 2025 - 04:10
 37
مناورة عسكرية مشتركة بين الصين ومصر لتعزيز الجيش المصري
مناورة عسكرية مشتركة بين الصين ومصر لتعزيز الجيش المصري

خلال الأيام الماضية حظيت الأخبار المتعلقة بإجراء مناورة عسكرية مشتركة بين مصر والصين بتغطية واسعة من وسائل الإعلام العالمية.(1) لطالما اعتمدت مصر على المعدات والدعم العسكري من الولايات المتحدة على مدى السنوات الماضية، حيث كان الجيش المصري يحصل على معظم عتاده الحربي من الدول الغربية. فبالإضافة إلى المساعدات العسكرية تتلقى الحكومة المصرية سنويًا مبالغ ضخمة كإعانات من الولايات المتحدة مما ألقى بظلال ثقيلة على استقلال هذا البلد الحضاري. 

لقد أدركت الصين هذا الوضع في مصر وعملت على توسيع علاقاتها مع هذا البلد خلال السنوات الخمس الماضية، حيث قدمت عروضًا اقتصادية وسياسية وعسكرية مغرية لجذب حكومة السيسي، مما جعل مصر تميل نحو إقامة علاقات عميقة مع الصين. إن إجراء المناورة المشتركة بين البلدين يُظهر الرغبة في تعزيز العلاقات الثنائية. و أسباب تعزيز العلاقات بين البلدين في هذا التوقيت تتطلب تحليلًا أعمق والذي سنناقشه في هذا المقال.

استعداد الدولتين للتهديدات الإقليمية والعالمية:  
تعيش كل من الصين ومصر في زمن مليء بأنواع التهديدات الناعمة والقاسية. فقد أصبحت الصين تحت  رادار  الدول الغربية نتيجة لتقدمها في السنوات الأخيرة، وتعتبر الولايات المتحدة الصين دائمًا أكبر تهديد عسكري واقتصادي لها. وبالنظر إلى نزعتها الاستقلالية في السنوات الثلاث الماضية وضعت مصر نفسها في موقف حساس تجاه الدول الغربية، حيث تُعد الخلافات بين حكومة السيسي وترامب حول موضوع غزة ونقل سكانها إلى مصر واحدة من أكثر الأحداث جدلاً في العلاقات بين مصر والولايات المتحدة، مما أدى إلى فتور غير مسبوق في العلاقات بين البلدين. 

لقد أعطت هذه الحالة البلدين الفرصة للاقتراب استراتيجيًا. إن إجراء مناورة عسكرية كبيرة واستيراد الأسلحة الصينية إلى الجيش المصري الكلاسيكي والقوي، يمكن أن يزيد من اعتماد القاهرة على الصين في السنوات القادمة. كما أن تبادل التكنولوجيا العسكرية الصينية والتدريبات العسكرية للجيش المصري الذي تم تدريبه لسنوات عديدة على يد الولايات المتحدة يُشكل رسالة واضحة للدول الغربية(2) تُظهر قوة حضور الصين في الساحة العسكرية في السنوات المقبلة وكما تكشف عن توجه مصر تجاه التطورات الدولية.

توازن القوى في منطقة غرب آسيا وشمال إفريقيا:  
تشير سياسات الدول الغربية تجاه منطقة غرب آسيا وأفريقيا في السنوات الماضية بوضوح إلى خطة دقيقة لنفوذ الدول الغربية في هذه المناطق الغنية والاستراتيجية. وتعمل الولايات المتحدة ضمن برنامج مدروس على إنشاء العديد من القواعد العسكرية في هذه الدول لتأمين هيمنتها على مراكز نقل الطاقة والسلع في مناطق غرب آسيا وأفريقيا. وكانت نتيجة هذا الاتجاه للولايات المتحدة بعد الحرب الباردة هي زيادة الهيمنة لهذا الفاعل الدولي. 
يمكن أن يسهم حضور الصين في هذه المنطقة من خلال إنشاء قواعد عسكرية وإرسال المعدات العسكرية إلى دول المنطقة القوية، في تقليص نفوذ الولايات المتحدة على المستوى الإقليمي وتغيير مسار التوازنات المطلوبة للنظام الدولي.

لقد أصبحت الإمارات العربية المتحدة وتركيا والمملكة العربية السعودية، وهي شركاء استراتيجيون للولايات المتحدة حساسة للنفوذ الصيني الكبير والمهيمن في المنطقة. وبحسب الخبراء فإن تعزيز الوجود الصيني في مصر والمناورات العسكرية المتزامنة للولايات المتحدة مع السعودية والتدريبات المشتركة بين الصين ومصر في منطقة غرب آسيا وشمال أفريقيا، هي مثال على الوضع المعقد في المنطقة، والذي في ظل التوتر والتنافس بين الصين والولايات المتحدة فإن توازن الهيمنة بين الشرق والغرب في منطقة غرب آسيا وشمال أفريقيا سيخضع لتغيرات محتملة في المستقبل.

جهود الصين لتقليل اعتماد مصر على المعدات العسكرية الغربية؛ وذلك بموجب اتفاق غير مكتوب، تحصل الحكومة المصرية على دعم سنوي بمليارات الدولارات مقابل الخدمات التي تقدمها للولايات المتحدة، بما في ذلك توفير المرافق اللوجستية للسفن الأميركية في قناة السويس وامتيازات الطيران في المجال الجوي المصري واعتماد القاهرة على الأسلحة الأميركية. في الأشهر الأخيرة ومع تزايد الخلافات بين مصر والولايات المتحدة، حاولت حكومة السيسي تنويع أوراقها(3) وتقليل اعتمادها على الدعم العسكري والمالي الأميركي من خلال السماح للصين بزيادة التبادلات العسكرية. كما تهدف الصين إلى تقليل اعتماد مصر عسكريا على الولايات المتحدة من خلال التأثير على منطقة شمال أفريقيا والحصول على تواجد فعال في قناة السويس، فضلا عن تقديم صورة عن قوتها العسكرية ومعداتها الحديثة وأسلحتها المتطورة(4). كما أن دور الشركات العسكرية الصينية مهم جدًا في تنفيذ الخطة المذكورة أعلاه.  وستحصل الشركات العسكرية الصينية على سوق استهلاكية كبيرة من خلال اكتساب النفوذ في مصر، كما أن دولاً أخرى في المنطقة عند رؤيتها للقدرات العسكرية الجديدة للصين سترغب في شراء المعدات العسكرية من هذا البلد. ومن المرجح أنه مع تزايد هذا الاتجاه ستحل الشركات العسكرية الصينية محل الشركات العسكرية الغربية في منطقة غرب آسيا وشمال أفريقيا في المستقبل.

بشكل عام، لا بد من القول إن الوجود المتزايد للصين في مصر سيكون له تأثير غير مباشر أيضاً على دول أخرى في المنطقة. وبإمكان بلدان أخرى في المنطقة، اعتمادا على كيفية تعريفها لعلاقاتها مع الولايات المتحدة، أن تستفيد من قدرة الصين على مساعدتها على النمو والتطور. ومن الممكن أن يؤدي تنافس الولايات المتحدة مع الصين في هذه المنطقة إلى خلق حالة من التوازن في علاقات دول المنطقة مع الشرق والغرب، وهو ما قد يحد من هيمنة الغرب على المدى المتوسط.


أميرعلي يگانه

1.https://nationalpost.com/news/china-and-egypt-hold-first-joint-military-exercises-near-israeli-border 
2.https://breakingdefense.com/2025/04/in-a-first-egypt-conducts-military-drills-with-china-signaling-closer-ties 
3.https://san.com/media-miss/china-and-egypt-conduct-first-joint-air-exercises
4.https://theaviationist.com/2025/04/22/china-egypt-first-joint-aerial-drills