السياحة في سورية بين الماضي والحاضر
السياحة في سورية بين الماضي والحاضر
قبل الأزمة كانت سورية واحدة من أهم الوجهات السياحية في العالم، فهي تحمل تاريخًا غنيًا وثقافة عريقة تعكس تأثير الحضارات المتعددة التي ازدهرت على أراضيها على مر العصور. كانت سورية تجمع بين روعة الطبيعة والتراث الثقافي والتنوع الحضاري، مما جعلها واحدة من أهم الوجهات السياحية الأكثر جذبًا في الشرق الأوسط، وكانت السياحة في سورية تمثل رحلةً ثقافية وتاريخية فريدة من نوعها إلى أعماق التاريخ والثقافة، ومازالت كذلك تقدم تجربة فريدة للزوار الذين يبحثون عن الحقيقة السورية بين الماضي والحاضر التي كُتبَ لها أن تخضع للتزوير والتحريف خلال الحرب الكونية التي فُرضت على سورية قبل 12 عام، هذا المقال سيتناول وضع السياحة في سورية قبل الحرب وبعدها خلال العقد المنصرم.
في السنوات السابقة لاندلاع النزاع في عام 2011، كانت سورية وجهة سياحية شهيرة وجذابة للسياح من مختلف أنحاء العالم. كانت تُعرف بتاريخها الثقافي العريق ومواقعها الأثرية الرائعة والمناظر الطبيعية الخلابة. ومع ذلك، بدأت الأزمة السورية في عام 2011 وتصاعدت بسرعة، مما أدى إلى تدهور كبير في الوضع الأمني والاقتصادي في البلاد. وهذا أثر بشكل كبير على صناعة السياحة في سورية، حيث توقف تدفق السياح وتم تدمير العديد من المعالم السياحية والبنية التحتية السياحية.
ليس عجباً من زار سورية قبل الحرب أن يسمع خبراً عن مجلة التايمز الأمريكية أنها صنفت سورية ضمن العشر بلدان الأكثر استقبالًا للسياح في العالم. وفي هذا السياق وخلال حوار مع وزير السياحة السوري آنذاك أشار إلى أن صحيفة "صندي ميل" البريطانية أيضاً اختارت سورية من بين أهم 10 مقاصد سياحية في العالم، في وقت لاحق اختار أحد خبراء السياحة العالمية في استطلاع رأي لصحيفة "التلغراف" البريطانية مدينة دمشق كأفضل مقصد سياحي في العام 2009. [1]
كما لفت الى ما قالته صحيفــــة "الفايننشال تايمز" في مقال عن سورية بعنوان "مدمن بشكــــل خطير"، أشــار إلى ان استكشاف سورية أشبه بصندوق الدنيا الذي تشعر أنك لا تسطيع إغلاقه، فزيارة سورية أشبه بالإدمان. وفي سؤاله عن إمكانية تحول سورية الى مقصد رئيسي للسياح الأوروبيين، استشهد الوزير بمقال آخر في "الفايننشيال تايمز" بعنوان "الأسواق، القلاع والأنظمة الاجتماعية من أفضل الرحلات التي تمنحنا نظام السفر عبر الزمن" وسورية كانت الرائجة في ذلك لأنها توفر القلاع التي تبدو وكأنها مسرح يجسد فيلماً رائعاً، وإن ما تقدمه سورية في مجال السفر عبر الزمن لا يقتصر على ماضيها القديم وحقبة القرون الوسطى، وإنما إلى الأنظمة الاجتماعية في الخمسينات والستينات، حيث تبدو الحداثة تشق طريقها. [2]
في عام 2010، وفقًا لوزارة السياحة السورية فقد زار سورية حوالي 6 ملايين سائح أجنبي في عام 2009؛ وأنه في عام 2010، قد زارها 8.5 مليون سائح، بزيادة قدرها 40 في المئة. وبلغت عائدات السياحة ب (8.4 مليار دولار) في عام 2010، أي 14 بالمائة من اقتصاد البلاد. [3]
طبعاً وبسبب الحرب في سورية، فقد تراجعت كوجهة سياحية بشكل كبير، وما زالت البلاد تعاني من تداعيات الأزمة حتى الوقت الحالي. إن استعادة صناعة السياحة في سورية ستتطلب وقتًا طويلاً وجهدًا كبيرًا لإعادة بناء المعالم والبنية التحتية واستعادة الثقة في الوضع الأمني. وبالنظر إلى الوضع الحالي في سورية، يصعب تحديد الخسائر الدقيقة بسبب فقدان السياح الأجانب. وتراجع عدد السياح وانقطاع الإيرادات السياحية لهما تأثيرٌ سلبي كبيرٌ على الاقتصاد الوطني. الجدير بالذكر في عام 2012م وفقًا لليونسكو، فقد تأثرت خمسة من مواقع التراث العالمي الستة في سورية بالحرب الأهلية [4] حيث بعثت سورية برسالة إلى الأمم المتحدة تصف تراجع مجال السياحة فيها، مشيرة إلى أن معدل إشغال الفنادق في البلاد قد انخفض من 90 بالمئة إلى 15 بالمئة .[5]
تأثير هذه الخسائر يتجاوز مجرد الإيرادات السياحية المباشرة، حيث يؤثر أيضًا على الوظائف والقطاعات المتعلقة بالسياحة مثل الفنادق والمطاعم و وكالات السفر والنقل والحرفيين المحليين الذين يعتمدون على السياحة. من الصعب تحديد الأرقام بدقة ومع ذلك، تُقدرُ الخسائر الاقتصادية بسبب تراجع السياحة في سورية بمليارات الدولارات على مدى السنوات العديدة من الحرب.
أهمية السياحة في سورية
عاصمة سورية هي دمشق، المدينة العريقة التي يطلق عليها بوابة التاريخ وتعرف بأنها مأهولة منذ 8000 إلى 10000 عام قبل الميلاد وبهذا تكون أول وأقدم عاصمة مأهولة بالسكان في التاريخ ومن أقدم المدن في العالم، قامت بها ومرت عليها أقدم الحضارات الإنسانية التي قامت في الشرق وكانت في أكثر من عصر عاصمة ومركز قيادي وحضاري، وقد أصبحت دمشق أهم المدن الإسلامية بعد حكم المسلمين لها في عام 636 للميلاد، بعد ذلك بمدة وجيزة أصبحت المدينة في أوج ازدهارها بعد أن أصبحت عاصمة للأمويين وامبراطوريتهم، التي امتدت من حدود جبال البرانس في أوروبا إلى وسط آسيا وحدود الصين في الفترة من 661 إلى 750 للميلاد. [6]
على الرغم من هذه التحديات الكبيرة، إلا أن هناك آمالًا في استعادة السياحة في سورية في المستقبل بعد أن استقرت الأوضاع الأمنية فيها. الترميم والإعمار وتعزيز الجهود الدولية لدعم السياحة يمكن أن تسهم في إعادة إحياء هذا القطاع المهم وتعزيز التنمية الاقتصادية. إعادة إحياء قطاع السياحة في سورية هو تحدي كبير بسبب الظروف الصعبة التي مرت بها البلاد في السنوات الأخيرة. ومع ذلك، هناك عدة عوامل يمكن أن تساهم في استعادة السياحة في المستقبل القريب ومنها استعادة الأمن والأمان لمعظم الجغرافيا السورية حيث مازالت تحافظ على أهم المعالم السياحية والتراثية القديمة بالإضافة للتسويق والترويج لسورية كوجهة سياحية جديدة وآمنة بعد استعادة الأمن فيها ويمكن استخدام التكنولوجيا الحديثة ووسائل التواصل الاجتماعي للترويج للجذب السياحي في البلاد والمشاركة في المعارض الدولية المتعلقة بالسياحة والأهم من ذلك الدعم الدولي الذي يساعد في تعزيز التعاون مع منظمات دولية ودول الجوار ويمكن أن يساعد في دعم إعادة إحياء السياحة في سورية والترويج لها من خلال إرسال الوفود الأجنبية لتكون بمثابة دعاية حقيقة تنقل الواقع والصورة الواقعية عن سورية بأنها مازالت كما تاريخها عابقة بالحضارة وعصية على السقوط لإنها بلد الجمال ومهد الإنسانية والحضارات العريقة.
د. حسام السلامة
[1] https://www.alquds.co.uk/%D9%88%D8%B2%D9%8A%D8%B1-%D8%A7%D9%84%D8%B3%D9%8A%D8%A7%D8%AD%D8%A9-%D8%A7%D9%84%D8%B3%D9%88%D8%B1%D9%8A-%D8%AF%D9%85%D8%B4%D9%82-%D8%A3%D9%87%D9%85-%D9%85%D9%82%D8%B5%D8%AF-%D8%B3%D9%8A%D8%A7/
[2] www.alquds.co.uk/وزير-السياحة-السوري-دمشق-أهم-مقصد-سيا
[3]https://ar.wikipedia.org/wiki/%D8%A7%D9%84%D8%B3%D9%8A%D8%A7%D8%AD%D8%A9_%D9%81%D9%8A_%D8%B3%D9%88%D8%B1%D9%8A%D8%A7
[4] https://www.alarabiya.net/articles/2012/08/29/235010.html
[5] www.reuters.com/article/us-syria-un-tourism/syria-complains-to-u-n-about-tourism-downturn-amid-conflict-idUSBRE84G1CQ20120517
[6] http://www.syriatourism.org/